المندرة نيوز

عثمان ميرغني يكتب.. معركة جامعة زالنجي!

معركة جامعة زالنجي!

عثمان ميرغني

خبراء العسكرية يقولون إذا دخلت في معركة كبرى فإن أقوى سلاح هو”التركيز”، لأنه يضرب في الاتجاهين، الاتجاه الأول لصالحك: أحشد التركيز في قوتك وأهدافك وطريقك الصاعد لتحقيق الأهداف..أما الاتجاه الثاني وهو الخاص بالعدو: شتت انتباهه واشغله بالمعارك الجانبية حتى يفقد التركيز.
أمس الأول شهد طالبات وطلاب جامعة زالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور أحداث عنف دموية استشهد فيها الطالب “عزالدين عمر موسى” وجرح 8 من زملائه، ثلاثة منهم في حالة خطرة.. وعلى خطورة الحادثة فهي مجرد حلقة من سلسلة طويلة في القتل المجاني بمختلف أنحاء السودان، من الجنينة غربا إلى بورتسودان شرقا و جنوب كردفان جنوبا.
وفي السودان معركة كبرى للخروج من شبح الانهيار السياسي والأمني والاقتصادي.. انهيار حذر منه الدكتور عبد الله حمدوك بشدة في خطابه الشهير يونيو 2021 الماضي، وبسببه أعلن مبادرته في محاولة لتجنب هذا الانهيار.. ولكن في عز هذه المعركة الكبرى، تدور الآن معركة جانبية عنيفة محورها “لجنة تفكيك وازالة تمكين نظام الثلاثين من يونيو”.. معركة معها وضدها.. من داخل اللجنة وحولها وخارجها.. تصريح من هنا ثم رد عليه من هناك.. حتى فخامة عضو مجلس السيادة الفريق أول ياسر العطا لم يهن عليه أن لا يساهم في معركة “تشتيت الانتباه” هذه فقال في تصريحات اعلامية أمس الأول (أن الفلول يريدون بلجنة ازالة التمكين شرا) وهو يقصد تبريد الصفيح الساخن لكنه من حيث لا يدري ساهم في رفع صوت المعركة الجانبية الانصرافية في لحظة كان طلاب جامعة زالنجي يتساقطون كأوراق الشجر والرصاص الحكومي ينهال على أجسادهم الصغيرة، والشعب السوداني الصابر النبيل تخنقه أزمة اقتصادية لا مثيل لها في تاريخه إلا في “سنة ستة” الشهيرة.
بل حتى مبادرة حمدوك نفسها تحولت إلى جزء من حملة “تتشتتون” ما أن أعلنت الآلية الاشرافية على اللجنة حتى أصبحت هي نفسها مشكلة في مجلدات أزمات السودان الضخمة..
في مثل هذه اللحظات التاريخية الخطرة، يحتاج السودان للمبدأ العسكري الذي كان مدخل هذا العمود، “التركيز” ثم “التركيز” في المسار الصاعد لتحقيق الأهداف العليا وليس التلاعن والتطاعن ونفخ الأنفاس الحارة.
و “التركيز” ليس مجرد حالة طارئة أو عمل عفوي، هو برنامج وخطة وخطاب رسمي يجب أن تبتدره الحكومة عن علم به.
رفع الحماس لبرنامج عمل وطني “خطة استراتيجية” يوفر حالة “تركيز” عالية في مطلوبات النهضة وبناء دولة السودان الحديثة، فالأمل يرفع الروح المعنوية وعلي روح التسامح الايجابية ويقلل من “الانصرافية” في القول والفعل.
بكل أسف بلادنا الآن غارقة في وحل الوهم وعدم “التركيز” رغم جسامة المعركة التي تخوضها من أجل البقاء.

قم بمشاركة الخبر علي
قم بمشاركة الخبر علي
تابعنا علي قناتنا في الواتساب