منارة سامقة وأضواء خافتة: جامعة زالنجي في قلب الحدث
د.مهدي تاج
الخرطوم=^المندرة نيوز^
لم يمض سوى أسبوعاً واحداً على الأحداث المؤسفة التي أعقبت احتجاجات طلاب جامعة زالنجي ، ولم يَفُق الكثيرون من منسوبي الجامعة من هول الصدمة جراء التناول غير المهني من بعض الإعلامين للحدث -بقصد أو بدون قصد – فالنتيجة كانت واحدة ، إذ أن معظم الكتابات قد وضعت الجامعة وكأنها بالفعل في مواجهة مع حكومة الولاية، بل ذهب البعض الآخر من خلال بيانات واضحة وصريحة إلى ضرورة عزل الجامعة عن أي ارتباط بالولاية، وحثت الحكومة على أن تضرب بيد من حديد، متناسين أن الجامعة هي في الأساس حكومية وهي جامعة المجتمع ، وما وجدت إلا من أجل خدمة المجتمع .
غنيُُ عن القول أن نقول بأن كل الجامعات في عصرنا الحاضر ينصب جل اهتماماتها في خدمة مجتمعاتها بالدرجة الأولى، وتسعى من خلال وسائل عديدة لتقديم حلول علمية وعملية للمشكلات التي تعترض تطور المجتمعات وتعيق صيرورة نهضتها من خلال مراكز الأبحاث والمناهج التي ترسمها في كلياتها ومعاهدها المختلفة.
من هذا المنطلق تعد جامعة زالنجي منارة سامقة ، إذ ظلت منذ إنشائها ترفد مؤسسات القطاع العام والخاص بالكوادر المؤهلة لقيادة العمل بكافة ربوع الوطن ، فضلاً عن دورها في ميادين أخرى كثيرة من خلال حضورها الفعال ومبادراتها التي لا تخطئها العين.
ولكن كعادة الأشياء في بلدنا ، دوما يتفاجأ الناس بنتائج أعمالهم التي لا يُلقون لها بالاً فترتد كالصاعقة تدوي وتدمر، وهذا ما قد حدث.
عقب تلك الأحداث الأخيرة ، ضجت الأسافير بالكثير من التحليلات والتكهنات والاتهامات أحيانا، وفي خضم ذلك؛ تلقيتُ العديد من الاتصالات من بعض الوكالات ومن الإخوة الإعلاميين والصحفيين الحادبين على معرفة الحقيقة، وللأمانة: كنت أرد لهم باستمرار بأني ليست لي أي صفة رسمية تجعلني أتحدث باسم الجامعة، وأحيل البعض منهم إلى الناطق الرسمي واكتفي بذلك. وفي أحيان أخرى أكتفي بتوضيح وجهة نظري الشخصية في حدود ضيقة للغاية لأسباب أعلمها.
مر أسبوعا واحدا فقط على تلك الأحداث المؤسفة لنتفاجأ مرة أخرى بإلصاق اسم الجامعة – بشكل غير مباشر- على خلفية حادثة سمتها بعض الجهات غير المهنية بأنها محاولة اغتيال زعيم الإدارة الأهلية بولاية وسط دارفور ( الدمنقاوي/ سيسي فضل سيسي) نسأل الله له عاجل الشفاء.
وعلى خلفية البيان الصادر من الجامعة بهذا الخصوص، اتضح جلياً أن الحادثة بكل أبعادها قد تم إخراجها من السياق ونفت الجامعة في بيانها التي أرجأت فيه الحديث للسيد الدمنقاوي نغسه، وجود أي محاولة للاغتيال.
لكن للأسف،إنساق البعض ومنهم إعلاميين رسميين حسب متابعتي وراء عقليتهم الماكرة لاستغلال الحدث وتوظيفه بالشكل الذي يجعل الجامعة وكأنها منتجة لكل الشرور وقال بعضهم حديثا نترفع عن ذكره ،بينما ذهب آخرون إلى شجب وإدانة وتحميل الجامعة مسؤولية ما قد حدث.
كل هذه الأحداث الشنيعة ( إتلاف الممتلكات العامة والخاصة وكذلك الاعتداء) ليس فيها ما يستحق الإشادة ، فالعنف بكل صوره يُعد أمراً مرفوضا ولا يستقيم عقلاً ولا فكراً، لأنها تتنافى مع الفطرة السليمة، ولكن بنفس القدر نرفض استغلال مثل هذه الأحداث للنيل من سمعة ومكانة مؤسسة بقدر وقامة جامعة زالنجي.
إن مكانة جامعة زالنجي ودورها الرائد وما يرتجى منها في مقبل الأيام؛ أكبر من أن تُقعِد مسيرتها تلك السهام الطائشة، وحتماً أن الجامعة وحكومة الولاية ستعملان جنباً إلى جنب للاستفادة من كافة الفرص المتاحة لخدمة إنسان الولاية وتحقيق أهداف ورسالة الجامعة بتناغم وانسجام.
إن جامعة زالنجي كانت وستظل منارة سامقة حتى وإن كانت بعيدة عن الأضواء.
دمتم بخير