وكالات=^المندرة نيوز ^
شاعر الإكتوبريات الضخم السفير محمد المكي إبراهيم قال ممتدحاً الأداء “الفرقة ألهبت روح الحماس وأحيت الإحساس بهذه الأغنيات “، لكن في حقيقة الأمر إن حفل كورال كلية الموسيقى والدراما بالمسرح القومي ثاني أيام عيد الفطر المبارك قد أعاد الحياة لخشبة المسرح نفسها ولساحته العريقة عندما أمتلأ عن آخره بجمهور من كل الأعمار تفاعل مع فقرات الحفل شديد التنظيم والترتيب والأناقة برهن على صدق كلمة الإعلامي الموهوب ومخرج الحفل “الطيب صديق” عندما وصف كورال الموسيقى والدراما جامعة السودان بأنه مشروع فني وليس مجرد كورال “.
إشراق بُعيد المغيب
فبعد مغيب ثاني أيام العيد يلمس ويرى الحاضرون عند مدخل المسرح وبوابته الخارجية في شارع النيل وكذلك المارة عودة الحركة والحياة والإشراق إلى المسرح القومي العريق بعد سبات وركود سيطر على ساحته وعلى ساحات ومسارح الإبداع طوال السنوات الماضية، وبدا ذلك من خلال الهرج والزحام والأضواء والعدد الكبير من السيارت لقاصدي شباك التذاكر استجابة لنداء الإبداع والفن في زمن الإحباط من أوضاع عامة غير مشجعة على مجرد الخروج دعك من الحضور إلى المسرح من أجل حفل موسيقي.
صافرة البداية
انتظم عقد شباب الكوارل على خشبة المسرح وحبست الجموع أنفاسها ترقبا لشلالات إبداع يعرفها جمهور الفرقة وظل يتابعها عن قرب وسمع بها آخرون.
كانت حفلة الكورال هي الأولى التي يحضرونها مباشرة عيانا واستماعا مباشرا بلا وسيط اعلامي ناقل ، اختبرت الفرقة أنظمة الصوت بجزء من مقطوعة الراحل وردي ” يقظة شعب ” أو هام ذاك النهر يستلهم حسناً .
تناوب الصافي مهدي ود. النور حسين في قيادة الأوركسترا والتوزيع الموسيقي، وكانت البداية القوية بمقطوعة ” عازة في هواك ” ، مع تركيز وامتاع من مجموعة شباب وشابات الكورال ، ثم كانت ” في هواك يا جميل العذاب سراني ” ، ثم “اللابس البمبي” لشرحبيل أحمد وتواصل إبداع الكورال بأغنية عبدالقادر سالم ” يا بسّامة “.
محمد المكي إبراهيم
ومن إنتاج الخاص وتوزيع الصافي مهدي قدم الكورال ثلاث قصائد لشاعر الاكتوبريات الضخم محمد المكي إبراهيم هي ” تعويذة ” و”قصة حب مسببة ” و “فرح في حديقة شوق قديم ” وجدت تفاعلا كبيرا واظهرت قدرة الفرقة على إضافة الانتاج الخاص من الرصيد الإبداعي الجديد لتجربتها الصاعدة المتواصلة، قدمت الفرقة القصائد الثلاثة في حضرة الشاعر محمد المكي وبتشريف ومؤازرة من الشاعرين الكبيرين عالم عباس محمد نور ، والياس فتح الرحمن، الذي قدم قبسات من تجربة محمد المكي نشأته ودواوينه الشعرية من ” أمتي ” حى ” خباء العامرية ” ، وكذلك كتابه الموسوم بـ ” وكتابه الفكر السوداني أصوله وتطوره . كما قدم الشاعر الياس القاءا شعريا لقصيدة قصة حب مسببة ، في كلمته معلقا اتاح المنظمون فرصة الحديث للشاعر الكبير ود المكي حيث قدم الشكر للمنظمين وجهودهم في هذا العمل وقال ” ما قدمه الكورال أحيا روح القصائد والأناشيد والهب فيها الحماس في كل من تابع الحفل من على المسرح الذي إمتلأ عن آخره بالحضور.
وكرمت كلية الموسيى الشاعر محمد المكي، حيث قال “الطيب صديق” إن التكريم هو نهج متبع في حفلات الكورال يتم فيه إختيار وتكريم رمز من رموز الإبداع في بلادنا ” وقد اهدته الكلية عبر الدكتور محمد عبدالرحيم نسخة فخيمة من “الإلياذة”.
حبال التواصل
تشريف الشاعر محمد المكي وزميليه الشاعرين إلياس فتح الرحمن وعالم عباس وثلاثتهم أمضى أعواما طويلة في المهاجر المختلفة بعيدا عن السودان وعن التواصل من الأجيال الجديدة من شباب اليوم، فذلك ساهم ويساهم كثيرا في ردم الفجوة العميقة بين أجيال السودان وأجيال المبدعين ، فاختيارات الكورال في الحفل اعتمدت في غالبها على عطاء إبداعي غنائي قديم بروح وتوزيع شبابي فيه الكثير من الإضافات اللحنية والموسيقية ، لكن شباب الجيل الجديد استقبل ذلك وما يزال على استعداد لاستقبال المزيد وهضمه والتفاعل معه في حاضره الجديد، ولاشك أن ذلك يثبت أن مستقبل العطاء الإبداعي دائم الاتصال بحبال الحاضر والماضي بلا انفصام أو رفض.
مشاهد وإشارات
أهدت الفرقة ليلة هذا الحفل وتذكر أرواح عدد من المبدعين رحلوا عن هذه الدنيا بعد أن قدموا الدعم والعون للكورال في مسيرته منهم : ” مريم عثمان ” و” حواء المنصوري ” و” فادي ” ، كما عبرت مجموعة الكورال اثناء الحفل اعلنت تضامنها الكامل مع المبدعة “منى مجدي سليم ” التي تخوض معركتها مع مرض سرطان الثدي ومع كل النساء المريضات ، وعبرت عن ذلك بلبس المجموعة لشعار سرطان الثدي الوردي ورفع صورتها اثناء تقديم الفرقة للأعمال. كما رحب الكورال بجميع الشعراء والمبدعين ممن حضروا الحفل وعلى وجه خاص بالمبدعة حياة طلسم والدة عضو الكورال نادر وإبن العميد الأسبق لكلية الموسيقى والدراما الراحل البروفيسور / عثمان جمال الدين.
ختام وهتاف
قدم الكورال مجوعة من الأعمال الخالدة في ذاكرة الأجيال فكانت “في الضواحي وطرف المدائن ” , “عارفني منك ” ، و”كوني النجمة” ، مع الخواتيم ارتفعت وتيرة التفاعل والحماس بالذات مع ابداعات الراحل مصطفى سيد أحمد ، ليأتي الدور لغالبية الحضور من المتابعين من داخل المسرح ليقدموا الوصلة الأخيرة لهذا الحفل الجميل وذلك بإطلاق هتافات داوية ” الشعب أقوى أقوى والردة مستحيلة، والعسكر للثكنات” .