بانوراما [1_2]
تحليل معلومات المعركة النهائية بالفاشر وقياس أنماط الهجمات وكشف إتجاهات نوايا العدو في مسارح العمليات المختلفة بالسودان.
عميد م/ ابراهيم عقيل مادبو
الخرطوم=^المندرة نيوز^
من خلال قراءة وتحليل المعلومات المتداولة عن تحركات العدو، وبعض معلومات المصادر، ومن خلال تتبع خارطة بنك أهداف وضربات طيران الجيش، ونتائج العمليات البرية الخاصة، يتضح أن منظومة وأولوية الإستهداف كانت على موعد خلال الفترة الماضية مع العديد من التطورات النوعية المهمة، التي إما أن تدفع باتجاه وصول المليشيا إلى نقطة “حافة الهاوية” والإنهيار، أو أنها جزء من حالة منع المليشيا من تحريك وسحب قواتها من الوسط وتجميعها وحشدها بالفاشر، وذلك بقطع خط إنسحاب قواتهم التدريجي غير المنظم وغير المحسوب الذي جاء كأحد إرتدادات التحرك النشط لقواتنا بمحاور الجزيرة والخرطوم وحول المصفاة وجبل موية، وفي هذا السياق كانت هناك مجموعة من العمليات النوعية للطيران في كل مناطق تجمعات المليشيا بالعاصمة والولايات والتي تُعبَّر عن مقاربة تقوم بشكل رئيسي على ما يمكن تسميته بـ *“تسخين الجبهات”*، والتمهيد للعمليات البرية المتزامنة بكل المناطق، مع التركيز على تحييد كتلة العربات المنسحبة من الخرطوم والمتجهة إلى الفاشر، وإصطياد القادة، وضرب مخازن سلاح وتجمعات المليشيا بنيالا، ومليط، والصيَّاح، والضعين، ابتداءً من عملية استهداف متحرك العدو بمنطقة حمرة الشيخ والمتجه غرباً، ومتحرك اخر بمنطقة جبل أولياء، مروراً بقصف وتدمير رتل متحرك بمنطقة كدي الجموعية، والقصف المتزامن للكومة وكبكابية وهي العملية التي تمت بالأمس القريب، ويلاحظ بدء تدشين مرحلة جديدة من العمليات العسكرية في قطاع غرب امدرمان وبحري والخرطوم، وبالإضافة للمعلومات المتوفرة عن التحركات النشطة للمليشيا وحركة العربات العسكرية والمدنية الكثيفة وتغيير مواقع تموضعات الإرتكازات بمناطق بحري شرق النيل وجنوب الخرطوم والسلمة، وأيضاً من خلال رصد محادثاتهم في مقاطع متعددة بقروباتهم عن تحديد اماكن للمقابلة والإلتقاء في بعض المناطق بشمال كردفان وشمال دارفور، ويظهر ذلك بجلاء واضح للعيان أن هنالك خطة وإتفاق للمليشيا بسحب معظم قواتهم بالخرطوم وبحري والجزيرة وصدور أوامر وتوجيهات بتجميع كل القوات صوب الفاشر، ويؤكد هذا التحليل ظهور تواجد جديد وبكثافة غير معهودة لمجموعات من دولة جنوب السودان في عملية إحلال وإبدال لبعض مواضع وارتكازات قواتهم المغادرة لمواقعها بالخرطوم وبحري.
*2/* نرجح أن هدف تحركات العدو الأخيرة يأتي لتحقيق الآتي:
*أ-* تحشيد وتجميع قواتهم في مناطق قرب الفاشر وتشكيل تهديد كبير بهدف أسقاطها.
*ب-* القيام بعمليات إستباقية لتأمين بعض مدن دارفور وكردفان، وتوزيع الإمداد الذي بدأ في الوصول إلى قواتهم.
*ج-* محاولة الهجوم على منطقة غير متوقعة ومحددة بواسطتهم وفتح جبهة قتالية جديدة في أحدى الولايات.
*د-* التغطية على هذه التحركات وعملية خروج قواتهم من الخرطوم وبحري والجزيرة عبر معبر جبل أولياء بالتدوين المدفعي العشوائي بصورة روتينية من بحري على امدرمان وسوق صابرين كساتر للتمويه ولفت نظر قواتنا بعيداً عن طرق إنسحابهم وخروجهم، كم يتم التدوين لهذا الغرض على حارات غرب امدرمان من جهات تقع جنوب غرب راس الشيطان ومناطق امبدة ح ٢٠ ويتم ذلك بالتسلل والإقتراب عبر النخيل والمنصورة، حتى مناطق كرور وعمر الصول والمحيط الجنوبي والشرقي لسوق القش والحارتين ٢٣ و٢٤ أمبدة، أو من الصالحة بشارع مقابر المسيحيين، وشارع ودالبلال، والنخيل، وشباب كرور ولفة البحيرة شارع المدرسة الفنية، ومن الاستوب الثاني إلى داخل سوق ليبيا ويتحركون حول الطرمبة الاخيرة نيفاشا ومن ثم التسلل إلى غرب امدرمان عبر المزارع.
*3/* تم رصد دخول جديد لقوات منسحبة من الخرطوم والجزيرة بمناطق حمرة الشيخ ووادي النعيم وغبيش وبارا والجمامة والصيَّاح بشمال كردفان، وقوات متجمعة شمال غرب الكومة وغرب كبكابية ومليط بشمال دارفور، وقرب الفاشر في منطقة جقوجقو التي تبعد عن الميناء البري بحوالي 17 كلم وعن قيادة الفرقة حوالي 22 كلم، ولديهم حشد بمنطقة كركر شمال شرق الفاشر، بالإضافة لقوات قادمة من سرف عمرة ونيالا والضعين.
*4/* نؤكد أن الهجوم النهائي على الفاشر بحسب المعطيات لم يتم تحديد توقيته بعد، ولكنه سيأخذ طابعاً أكثر حدة وزخماً وسيبدأ بقصف مدفعي كثيف مع إستخدام المسيرات الإنتحارية وسيكون التقدم للهجوم من أربعة محاور او إتجاهات رئيسة في شكل موجات ثلاثية بفواصل زمنية قصيرة بقصد إستنزاف الذخيرة وإنهاك القوات المدافعة وتليين الدفاعات واختراق جانب منها ومن ثم بدء الهجوم الأخير لإحتلال الفاشر، وهذا يفسر سبب قيام الجيش التشادي بنشر بعض من قواته على طول حدوده الدولية مع السودان تحسباً لنتائج معركة الفاشر، ويفسر أيضاً محاولة المليشيا *فتح طريق جديد للإمداد من ليبيا عبر مناطق الصيَّاح وتخوم جبال مدو*، وبطبيعة الحال سوف يكون لهذه التطورات انعكاسات مباشرة، سواءً على مسار حرب الكرامة أو على القطاع السياسي وملف مباحثات ومخرجات جدة، ودعاوى “بايدن” الإنتخابية بوقف إطلاق النار وتقديم المساعدات وتصريحاته حول الفاشر، أو على مستوى حالة التصعيد الإقليمي الراهنة، خصوصاً مع رد الفعل المحتمل والمنتظر لتداعيات خطاب رئيس الحكومة والقائد العام الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتحركات من قبل كلاً من الصين وروسيا في الإجتماعات القادمة بالأمم المتحدة ومجلس الأمن.
*5/* لفهم أعمق لديناميات واتجاهات الصراع في المنطقة خلال المرحلة المقبلة في ضوء التطورات الماثلة، من المهم الوقوف على ما يمكن تسميته بـ “بنك الأهداف” الخاص بالجيش بالنسبة للطيران وللوحدات الأرضية وترقيته وتنشيطه، وضرب وتدمير أي متحركات تتجه نحو الفاشر على اعتبار أن “المليشيا” والحسابات الخاصة بها نحو الفاشر، تمثل الحلقة الأصعب في هذا الصراع، خصوصاً وأن كافة التحركات التي تتبناها المليشيا تكون مبنية بجانب الوضع العسكري والسياسي على اعتبارات ثأرية وقبلية خاصة بها نحو الحركات المسلحة والمقاومة الشعبية الساندة لها، تؤججها خسائرهم الفادحة بالفاشر، والتفاهمات بين المليشيا وبين “تقدم” ودوافع ومطامع الإمارات، *فهذا الإئتلاف الثلاثي هو الوجه الحقيقي للحرب التي تُشن على السودان*، والذي يفضح ويكشف أهداف المرحلة الأخيرة ونوايا المليشيا من دخول الفاشر، ومحاولات السيطرة والتصعيد في بعض مناطق السودان.
*6/* حسم معركة الفاشر يتطلب تخطيط دقيق يضع إعتبار لكل العوامل التي يمكن أن تؤثر على سير العمليات، وإلتزام وتقييد صارم بالخطة الموضوعة من الجهات المنفذة مع توفير إحتياطي كافي من القوات ومواد تموين القتال.
*7/* لإكمال حلقة تأمين الفاشر *يجب سيطرة قواتنا ومراقبة منطقة الصيَّاح شمال غرب الفاشر وجبال مدو بالقرب من المالحة بحوالي 50 كلم*، وتكمن أهمية منطقة الصيَّاح وجبال مدو في تمتعها بالمزايا الآتية:
*أ-* قريبة من طريق الزرق – المالحة ومنها الي مليط الفاشر، أو الدبة، أو شمال كردفان وامدرمان، وإذا سيطرت عليها المليشيا سوف تُسيطر علي المالحة وجبال الميدوب ايضاً، وبالتالي تصبح المنطقة حتي الكفرة بالكامل تحت سيطرتهم *وستكون منطقة الإمداد الرئيسية لقواتهم ومنطقة للحشد بالنسبة لهم بدلاً عن الزُرق وأم القُرى.*
*ب-* منطقة مدو محاطة بسلسلة من الجبال، ولها منافذ قليلة، وهي تشبه مناطق سيطرة الحلو في جنوب كردفان بل أكثر تحصينات وتحتاج إلى جهد مضاعف لنظافتها.