الخرطوم=^المندرة نيوز^
قال رئيس الوزراء في بيان اليوم إن مَا يَجْرِي فِي الْفَاشِرِ وَفِي ولايات دارفور يعتبر حَمْلَةً مُنَظَّمَةً لِإِبَادَةِ شَعْبٍ عَرِيقٍ، وَمُحَاوَلَةً بَائِسَةً لِطَمْسِ حَضَارَةٍ امْتَدَّتْ جُذُورُهَا فِي أَعْمَاقِ التَّارِيخِ الإِنسَانِيِّ.
نص البيان:
بيان رئيس الوزراء
أيها المواطنون الشرفاء كلنا اليوم في حالة استنفار تامة مع أهلنا في الفاشر و بارا المنكوبتين وفي كل بقاع السودان لوقف التطهير العرقي والابادة الجماعية وجرائم القتل والذبح والحرق والتعذيب والجرائم ضد النساء والأطفال والشيوخ ونناشدكم اليوم وفي هذا المنعطف الدقيق من تاريخ بلادنا وشعبنا للوقوف صفاً واحداً في وجه هذا العدوان الغاشم الذي يستهدف الامة السودانية بأكملها.وقد وجهنا كل الوزارات والوحدات الحكومية وسفاراتنا وبعثاتنا الدبولماسية في الخارج للبقاء في حالة إستنفارٍ كاملٍ والقيام بما يليهم من جهد وعملٍ مستمرلمجابهة هذا العدوان.
إلَى الضَّمِيرِ الإِنسَانِيِّ، وَالْعُقُولِ النَّيِّرَةِ فِي شُعُوبِ وَحُكُومَاتِ الْعَالَمِ:
لَقَدْ تَجَاوَزَتِ الْفَظَائِعُ الَّتِي تَشْهَدُهَا مَدِينَةُ الْفَاشِرِ حُدُودَ الْوَصْفِ وَالِاحْتِمَالِ.
إِنَّ مَشَاهِدَ الْقَتْلِ الْجَمَاعِيِّ، وَالتَّعْذِيبِ، وَالْحَرْقِ، وَالتَّرْوِيعِ، الَّتِي تَرْتَكِبُهَا مِيلِيشِيَا الدَّعْمِ السَّرِيعِ ضِدَّ الْمَدَنِيِّينَ الْعُزَّلِ، تُمَثِّلُ جَرَائِمَ حَرْبٍ وَجَرَائِمَ ضِدَّ الإِنسَانِيَّةِ مُكْتَمِلَةَ الأَرْكَانِ، لَا لَبْسَ فِيهَا وَلَا تَأْوِيلَ
مَا يَجْرِي فِي الْفَاشِرِ وَفِي ولايات دارفور يعتبر حَمْلَةً مُنَظَّمَةً لِإِبَادَةِ شَعْبٍ عَرِيقٍ، وَمُحَاوَلَةً بَائِسَةً لِطَمْسِ حَضَارَةٍ امْتَدَّتْ جُذُورُهَا فِي أَعْمَاقِ التَّارِيخِ الإِنسَانِيِّ
نُخَاطِبُ الْيَوْمَ الضَّمِيرَ الْعَالَمِيَّ فِي لَحْظَةٍ حَاسِمَةٍ، لِنَقُولَ بِوُضُوحٍ لَا يَحْتَمِلُ الْمُوَارَبَةَ
إِنَّ الصَّمْتَ الدُّوَلِيَّ شَرَاكَةٌ فِي الْجَرِيمَةِ، وَإِنَّ التَّقَاعُسَ عَنِ الْفِعْلِ تَوَاطُؤٌ لَا يُمْكِنُ تَبْرِيرُهُ أَخْلَاقِيًّا، وَلَا إِنسَانِيًّا، وَلَا قَانُونِيًّا
لَقَدْ آنَ لِمَجْلِسِ الأَمْنِ، وَلِلْمُنَظَّمَاتِ الإِقْلِيمِيَّةِ، وَلِلدُّوَلِ الْمُؤَثِّرَةِ، أَنْ تَتَحَمَّلَ مَسْؤُولِيَّاتِهَا كَامِلَةً، وَأَنْ تَضَعَ حَدًّا لِهٰذَا الْعَبَثِ الْمَأْسَاوِيِّ الَّذِي يُهَدِّدُ حَيَاةَ الْمَلَايِينِ من المدنيين وَمُسْتَقْبَلَ الْمِنْطَقَةِ بِأَسْرِهَا.
إِنَّنَا نُطَالِبُ بِإِجْرَاءَاتٍ عَاجِلَةٍ وَصَرِيحَةٍ تَضْمَنُ:
•الْوَقْفَ الْفَوْرِيَّ لِلْجَرَائِمِ وَالِانْتِهَاكَاتِ الْجَارِيَةِ،
•وَتَوْفِيرَ الْحِمَايَةِ الْكَامِلَةِ لِلْمَدَنِيِّينَ،
•وَمُحَاسَبَةَ كُلِّ مَنْ خَطَّطَ، أَوْ مَوَّلَ، أَوْ نَفَّذَ، أَوْ سَهَّلَ هٰذِهِ الأَفْعَالَ الإِجْرَامِيَّةَ.
إِنَّ السُّودَانَ لَيْسَ سَاحَةً لِتَصْفِيَةِ الْحِسَابَاتِ، وَلَا مِيدَانًا لِافْتِعَالِ الرِّوَايَاتِ الزَّائِفَةِ، أَوْ لِتَزْوِيرِ الذَّاكِرَةِ الْوَطَنِيَّةِ.
بَلْ هُوَ وَطَنٌ عَرِيقٌ أَنْجَبَ الْعُلَمَاءَ وَالْمُفَكِّرِينَ وَالْمُصْلِحِينَ، وَأَسْهَمَ فِي نَهْضَةِ الإِنسَانِيَّةِ مُنْذُ فَجْرِ التَّارِيخِ.
وَشَعْبُ السُّودَانِ، عَلَى الرُّغْمِ مِنَ الْجِرَاحِ وَالْآلَامِ، يُقَدِّمُ لِلْعَالَمِ الْيَوْمَ دَرْسًا خَالِدًا فِي الصُّمُودِ وَالْكَرَامَةِ، وَيَنْتَظِرُ مِنَ الْمُجْتَمَعِ الدُّوَلِيِّ أَنْ يَقِفَ مَعَ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ، لَا أَنْ يَكْتَفِيَ بِبَيَانَاتِ الشَّجْبِ الْخَجُولَةِ وَالتَّنْدِيدِ الْبَاهِتِ.
إِنَّ السُّودَانَ أُمَّةٌ ضَارِبَةٌ فِي أَعْمَاقِ التَّارِيخِ، وَحَضَارَتُهُ تَمْتَدُّ إِلَى فَجْرِ الإِنسَانِيَّةِ، وَهُوَ قَلْبُ إِفْرِيقْيَا النَّابِضُ، وَمُلْتَقَى الْعَالَمَيْنِ الْعَرَبِيِّ وَالإِفْرِيقِيِّ.
وَهُوَ وَطَنُ الْمَمَالِكِ الْعَظِيمَةِ، وَمَهْدُ الْكُوشِيِّينَ وَالْمَرَوِيِّينَ، وَأَرْضُ أُولَى الْحَضَارَاتِ الَّتِي عَلَّمَتِ الْبَشَرِيَّةَ مَعَانِيَ الْبِنَاءِ وَالْكَرَامَةِ وَالْعَدَالَةِ.
عَلَى مَدَى التَّارِيخِ، مَدَّ السُّودَانُ يَدَهُ إِلَى الْجَمِيعِ؛ عَلَّمَ، وَاحْتَضَنَ، وَآوَى، وَفَتَحَ قَلْبَهُ قَبْلَ أَرْضِهِ لِكُلِّ مَنْ قَصَدَ بَابَهُ.
وَشَعْبُهُ بِطَبِيعَتِهِ حُرٌّ كَرِيمٌ، أَصِيلُ الْخُلُقِ، مُشْعٌّ بِالْإِنسَانِيَّةِ، لَا يَقْبَلُ الضَّيْمَ، وَلَا يَرْضَى بِالْهَوَانِ، وَسَيَبْقَى كَذٰلِكَ مَا دَامَتِ الشَّمْسُ تَشْرُقُ عَلَى أَرْضِهِ الْخَضْرَاءِ، وَيَنْسَابُ نِيلُهُ الْعَظِيمُ بِالْحَيَاةِ وَالْعَطَاءِ.
يَا أَصْحَابَ الضَّمَائِرِ الْحَيَّةِ، يَا مَنْ بَقِيَ فِي قُلُوبِكُمْ بَرِيقُ إِنسَانِيَّةٍ،
نَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ التَّارِيخَ يَسْجُلُ، وَسَيَتَذَكَّرُ مَنْ وَقَفَ مَعَ الدَّمِ السُّودَانِيِّ، كَمَا سَيَكْتُبُ بِوُضُوحٍ مَنْ اخْتَارَ الصَّمْتَ وَالْخِذْلَانَ.
نُهَيبُ بِالْأُمَمِ الْمُتَّحِدَةِ، وَمَجْلِسِ الأَمْنِ، وَالِاتِّحَادِ الإِفْرِيقِيِّ، وَجَامِعَةِ الدُّوَلِ الْعَرَبِيَّةِ، وَالْمُنَظَّمَاتِ الدُّوَلِيَّةِ ذَاتِ الصِّلَةِ، أَنْ تَتَحَمَّلَ مَسْؤُولِيَّاتِهَا الْقَانُونِيَّةَ وَالأَخْلَاقِيَّةَ كَامِلَةً، وَأَنْ تَتَّخِذَ مَوَاقِفَ وَاضِحَةً وَجَرِيئَةً تُدِينُ هٰذِهِ الْفَظَائِعَ، وَتَعْمَلُ عَلَى وَقْفِهَا فَوْرًا، وَمُلَاحَقَةِ مُرْتَكِبِيهَا دُونَ إِبْطَاءٍ.
إِنَّ شَعْبَ السُّودَانِ لَنْ يَنْكَسِرَ، وَلَنْ يَسْتَسْلِمَ، وَسَيَبْقَى كَمَا كَانَ عَبْرَ تَارِيخِهِ الْمَجِيدِ — شَعْبَ الْحَضَارَةِ وَالْكَرَامَةِ وَالْإِنسَانِيَّةِ.
نَرْفَعُ أَكُفَّ الدُّعَاءِ بِخُشُوعٍ وَإِيمَانٍ صَادِقٍ، سَائِلِينَ الْمَوْلَى عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَتَغَمَّدَ ضَحَايَا هٰذِهِ الْفَظَائِعِ بِرَحْمَتِهِ وَمَغْفِرَتِهِ، وَأَنْ يُسْكِنَهُمْ فَسِيحَ جَنَّاتِهِ مَعَ الشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ.
وَإِذْ نَحْتَسِبُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ شُهَدَاءَ الْوَطَنِ وَالْكَرَامَةِ، نُؤَكِّدُ أَنَّ دِمَاءَهُمُ الطَّاهِرَةَ لَنْ تَذْهَبَ سُدًى، بَلْ سَتَظَلُّ مَنَارَةً تُذَكِّرُ الْعَالَمَ بِعَظَمَةِ هٰذَا الشَّعْبِ وَصُمُودِهِ، وَبِأَنَّ هٰذِهِ الأُمَّةَ، مَهْمَا اشْتَدَّ عَلَيْهَا الْبَلَاءُ، تَبْقَى شَامِخَةً، عَزِيزَةً، عَصِيَّةً عَلَى الِانْكِسَارِ.
نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ.







