لعل الجواز السوداني باللون “اللبني” الازرق الفاتح هو وثيقة السفر المنفردة على نطاق العالم التي كانت تجول مرافئ ومطارات العالم و”مختوم” على صفحته الاولى العبارة الشهيرة “مسموح له بزيارة كل الأقطار عدا اسرائيل وجنوب افريقيا” الذي اقره قانون مقاطعة الدولتين في الخامس عشر من يوليو لسنة ١٩٥٨م اي قبل وصول الفريق عبود الى السلطة في نوفمبر من نفس العام ومن المفارقات ان القانون صدر في عهد اول حكومة ديمقراطية عقب استقلال البلاد في العام ١٩٥٦م ويجئ الغاء القانون اليوم السادس من ابريل ٢٠٢١م في ظل حكومة الفترة الانتقالية المدنية ودلالات ومضامين هذا اليوم تشير ايضا الى انتفاضة ابريل ١٩٨٥م التي ازاحت حكم الرئيس الاسبق جعفر نميري ..
– السودان ظل خلال كل الحقب التاريخية الحاكمة للبلاد مناصرا لقضايا الامتين العربية والافريقية وعلى رأسها قضايا التحرر الوطني من الاستعمار الاجنبي .. فمنذ العام ١٩٤٨م مرورا بمؤتمر الللاءات الثلاث الذي انعقد بالخرطوم في العام ١٩٦٧م لم يتراجع السودان حكومات متعاقبة وشعب من المساندة الجهيرة للشعب الفلسطيني وعدم اعترافه بالكيان الاسرائيلي المحتل لاولى القبلتين وثالث الحرمين الشرفين “القدس الشريف” .. لم يتوقف السودان على هذا الحد بل اعلن ايضا مقاطعته لنظام الفصل العنصري الذي كان يفرضة المستعمرين البيض في دولة جنوب افريقيا وحمل الثائر “نيلسون مانديلا” ذات الجواز السوداني متنقلا به الى كل اقطار العالم عدا اسرائيل وجنوب افريقيا ..
– على الرغم من حذف السلطات السودانية لعبارة “مسموح له بزيارة كل الأقطار عدا جنوب افريقيا” عقب التحرر الوطني في “بريتوريا” وعودة “مانديلا” الى وطنه حاكما ومخلصا لامته من ظلم الفصل العنصري البغيض الا ان العبارة الشهيرة ظلت باقية تزين اولى صفحات جواز السفر السوداني واسفلها توقيع وزير الداخلية حتى العام ٢٠١٠م اذ تم سحبها لاغراض اصدار جواز السفر الالكتروني الجديد وفق قرارات المنظمة الدولية للطيران المدني (إكاو) كون السودان عضوا ملزما فيها باصدار جواز سفر يقرأ الكترونيا .. وحسبت في تلك الفترة ازالة عبارة الحظر من الجواز الجديد ك”قرار اجرائي” بسبب حجم الختم الذي يحمل تلك العبارة مقارنة بحجم الجواز المزمع اصداره وتعارض ذلك مع قرائته الكترونيا ..
– احتج كثير من المتعاطفين مع القضية الفلسطينية على سحب العبارة “الاشهر” التي كانت تميز الجواز السوداني دون جوازات السفر الاخرى ولكن ظل عزاءهم الوحيد تقيد السلطات الهجرية السودانية بعدم منح تاشيرة الخروج لاسرائيل بحكم الالتزام بقانون مقاطعة اسرائيل الصادر في العام ١٩٥٨م ..
– قانون مقاطعة إسرائيل لسنة ١٩٥٨م كان قانونا مهيبا ينضح بكل معاني الكرامة ومناصرة السودان لاخوته الفلسطينيين وحتى لا ننسى بنود ومواد القانون:
– ترتيب المواد
المادة :
1- اسم القانون
2- منع التعاقد والتعامل
3- منع دخول البضائع
4- تقديم شهادة منشأ
5- منع التصوير
6- البضائع التي تدخل أراضي السودان أو تمر عبرها
7- العقوبات
بسم الله الرحمن الرحيم
– قانون مقاطعة إسرائيل لسنة ١٩٥٨م “١٥/ ٧/ ١٩٥٨م
– اسم القانون
1ـ يسمى هذا القانون ” دقانون مقاطعة إسرائيل لسنة ١٩٥٨م”
منع التعاقد والتعامل
2ـ يحظر على أي شخص أن يعقد بالذات أو بالوساطة اتفاقاً من أي نوع مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل أو مع هيئات أو أشخاص يعلم أنهم ينتمون بجنسيتهم إلى إسرائيل أو يعملون لحسابها كما يحظر التعامل مع الشركات والمنشأت الوطنية والأجنبية التي لها مصالح أو فروع أو توكيلات عامة في إسرائيل، ويحدد مجلس الوزراء تلك الشركات والمنشآت في إعلان ينشر في الجريدة الرسمية.
– منع دخول البضائع
3ـ (١) يحظر دخول أو تبادل أو الإتجـار في البضـائع والسلـع والمنتجات الإسرائيلية المنقولة في السودان سواء وردت من إسرائيل مباشرة أو بطريق غير مباشر
(2) تعتبر إسرائيلية كل البضائع والسلع المصنوعة في إسرائيل والتي يدخل في صناعتها أو تجهيزها جزء أيا كانت نسبته من منتجات إسرائيل والتي يصدر بتحديدها إعلان من مجلس الوزراء ينشر في الجريدة الرسمية
(٣) تعتبر في حكم البضائع الإسرائيلية كل السلع والمنتجات التي يعاد شحنها من إسرائيل وكذلك السلع والمنتجات التي تصنع خارج إسرائيل بقصد تصديرها لحسابها أو لحساب أحد الأشخاص أو إحدى الهيئات المبينة في المادة (٢)، ويصدر بتحديد تلك السلع والمنتجات إعلان من مجلس الوزراء ينشر في الجريدة الرسمية.
– تقديم شهادة منشأ.
4ـ يجب على المستورد في الحالات التي يعينها وزير المالية والاقتصاد الوطني تقديم شهادة منشأ عن البضائع المستوردة وقت طلب ترخيص الاستيراد أو في الميعاد الذي يحدده الوزير ويبين بها اسم البلد الذي صنعت فيه السلع المستوردة وأنه لم يدخل في صنعها أو تجهيزها أية مادة من منتجات إسرائيل أيا كانت نسبتها ولا يسمح بمرور البضائع المستوردة من الحظيرة الجمركية دون تقديم الشهادة المشار إليها عند الطلب.
– منع التصدير
5ـ يمنع تصدير السلع التي يعينها مجلس الوزراء إلى البلاد التي يثبت لها أنها تعيد تصديرها إلى إسرائيل.
– البضائع التي تدخل أراضي السودان أوتمرعبرها.
6ـ دون اخلال بالاتفاقيات الدولية التي يكون السودان طرفاً فيها، تسري أحكام المواد ٣ ، ٤ و٥ على البضائع والسلـع التي تدخل أراضي السـودان أو تمر عبرها وتكـون برسـم إسرائيل أو أحـد الأشخاص أو إحدى الهيئات المنصوص عليها في المادة ٢ .
– العقوبات.
7ـ كل مخالفة لأحكام هذا القانون يعاقب عليها بالسجن مدة قد تمتد إلى عشر سنوات أو بالغرامة التي تحددها المحكمة أو بالعقوبتين معاً. وفي كل حالات الإدانة يحكم بمصادرة الأشياء المضبوطة ويحكم كذلك بمصادرة وسائل النقل التي استعملت في ارتكاب الجريمة إذا كان أصحابها على علم بالجريمة وقت النقل ..
– ويبقى السؤال الاكثر الحاحا .. هل الغاء قانون مقاطعة اسرائيل والتطبيع مع الكيان الإسرائيلي يعد تنازل عن ثوابت الامة ام ضرورة اقتضتها المصلحة الوطنية في البحث عن مخرج لعزلة السودان بسبب مقاطعة اسرائيل ؟؟..