من أعلى المنصة
ياسر الفادني
حزب الأمة.. إحترقت (حَلَّة) وتبقت إثنتان، فمن يأكل العشاء؟
في مطبخ السياسة السودانية حيث تُخلط المكونات وتحترق الطموحات ، لم يكن ميثاق نيروبي سوى حلة سياسية احترق طبخها قبل أن يُقدّم ، مخلفًا وراءه بقايا محروقة وركامًا من الأسئلة المحيرة، كان الجميع يتوقع أن يكون هذا الميثاق هو الذي يزيد تشتت السابلة من النشطاء المتفقين أولا علي الاختلاف وتفرقهم شذر مذر ، (حلة) نيروبي وجبة أُعدت لتزيد الجوع لا أن تشبع ، اجتمع الطباخون السياسيون على الحلة ليكتشفوا أن النار التي أُشعلت تحتها كانت أقوى من المكونات التي وُضعت داخلها، فاحترقت الحلة قبل أن ينضج أي شيء فيها
حلة نيروبي كانت تُطبخ بأيدٍ طباخي الميليشيا، الذين أصروا على إضافة بهارات الوهم والوعود الفارغة، الحطب الذي أضرموه تحتها قد كان من حطب الصراعات القديمة، نار الفوضى والإرتباك السياسي التي لا يستطيع أحد إيقافها ، تضافرت المصالح الخارجيةمع مجموعة من الطامحين، ليخلقوا معًا طبخة لم تُكتمل، وإنتهت قبل أن تنضج ، في هذه الفوضى حاول حزب الأمة عبر برمة ناصر لعب دور الطباخ، لكن نيران قيادات نافذة من حزبه عليه كانت أقوى من قدرته على السيطرة على الحلة، فأحترق الطبخ تمامًا كما يحدث عندما تترك الطعام على النار دون أن تنتبه لتجد أن كل شيء قد تحوّل إلى فحم.
وفي هذه اللحظة، جاء قرار التأجيل وهو القرار الذي أثار الجدل حول جدواه ، هل التأجيل سيصلح ما فسد أم أنه سيحرق ما تبقى في الحلة من طبخ؟ كان حزب الأمة يتمنى أن يكون التأجيل فرصة لإعادة ترتيب الأمور ، ولكن في عالم السياسة السودانية، الحلة التي تظل على النار لفترة طويلة لا تنضج، بل تتحول إلى كتلة سوداء ، كانت فكرة التأجيل في الحقيقة بمثابة إطفاء نار لم تُشعل بشكل صحيح منذ البداية، فكل تأجيل حتما يزيد من تعقيد الوضع ويمدد أمد الإنتظار دون نتائج ملموسة ، كم مرة نسمع “بعد قليل” عند فاشلي السياسة السودانية؟ وكل مرة، “بعد قليل” تتغير إلى “الليلة أو بكرة”، وفي النهاية نجدهم يتحدثون عن أحلام وردية وقطف ثمار الزيزفون في (جزيرة الواق واق) !
أما الآن وبعدما إحترقت حلة نيروبي، فإن حزب الأمة يقف أمام إثنتين: حلة عبدالرحمن الصادق، التي يبدو أنه يريد أن يطبخها على نار هادئة، مع بعض البهارات السياسية التي لا تؤذي؛ وحلة مريم التي إنتهت من جمع الحطب وأصبحت مستعدة (لتكشين) البصلة، جاهزة للطهي ولكن مع توتر واضح في المكونات!
إني من منصتي أنظر… حيث أطرح سؤالًا وهو: أي حلة ستنضج أولًا؟ أي حلة ستتسابق لتكون الطعام الذي يأكله حزب الأمة؟ وهل ستكون المكونات قابلة للهضم أم ستظل مجرد وجبة فاسدة يحاول الجميع تفاديها؟ في النهاية، السياسة السودانية عند قحت التي تتحور اسما كل مرة ولكن بنفس (الجتة) ! … مثل مطبخ قديم لا سيطرة فيه على النيران وكلما حاول أحدهم أن يقلب ما في الحلة، كانت المفاجآت أسوأ من الطعم المتوقع ، هكذا الوضع السياسي السوداني حلل تطهي ثم تحرق ولازال الشعب السوداني ينتظر الخروج من المسغبة … حتي متي؟.